دي مؤامرة | نظرية المؤامرة


دي مؤامرة



بعد قراءة في علم النفس فإن نظرية المؤامرة تتمحور حول مثلين عامين هما «قصر ديل يا أذعر» و «حجة البليد مسح السبورة» فالفشل صاحبنا. إذ ليس من الطبيعي -نحن العرب والمصريين- أن نفشل سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا حتى وإن أدركنا كل الممارسات الخاطئة المسببة. (حاجة كده زي مش عارف ليه كل ما أكسب يقولي جيم أوفر)

لابد من سبب آخر . .  والسبب الذي قد تتقبله عقول تربت على نظرية المؤامرة من الأساس (تربية ورثتها من جيل ربته السلطة هو الآخر -في وقت حرج- على نظرية المؤامرة من أجل دفن أي إخفاقات حربية وسياسية) هو أن الأمريكتين وأوروبا وآسيا وأستراليا وحيوانات الكانغارو في مؤامرة مستمرة ناحية العرب والمسلمين ومصر لسبب مجهول، إلا أنه ليس مجهولًا عند من يؤمن بأن مصر أم الدنيا وأن مسلمي «اليوم» هم خير أمة أخرجت للناس ولابد من محاربتهم.

وعلى الرغم من أن نظرية المؤامرة مستمرة باستمرار وجود البشر في أي مجتمع إلا أنها تتزايد وتنمو في المجتمعات قليلة/منعدمة الثقافة. بداية من تفسير الأقاويل الغريبة على المجتمع، ومحاولات فك شفرتها، وإعطائها معنًى ما مخيف، كإثباتات العلماء والفلاسفة قديمًا وتصويرها بأنها مؤامرات لهدم المجتمع (الحرب التي قامت حول نظرية كروية الأرض مثلًا) مرورًا بالرسل والأنبياء نهاية إلى عصرنا الحالي. وبسبب اعتمادها على درجة ثقافة المجتمع فإن نظرية المؤامرة في الغرب -إذا جاز تسميتها كذلك هنا وهي أشبه بفقدان ثقة- تكون تجاه السياسيين المحترفين وينُظر إلى مواقفهم ونواياهم بكثير من الشك والريبة استنادًا إلى خبرات تراكمية عنهم وضعت مصداقيتهم موضع شك.
مثالٌ على اعتماد تلك النظرية وتصديقها على ثقافة الفرد والمجتمع، الشائعة التي روجت في البداية، أن مطعم «كنتاكي» يملكه عنصري أبيض وأن الدجاج يحتوي على مادة سرية سامة تسبب العقم لأصحاب البشرة السوداء وتمنعهم من التكاثر، وعلى الرغم من الإشاعة غير المنطقية والتي قد تصدر من المنافسين، إلا أنها انتشرت بقوة وتمت مناقشتها وتصديقها.

ولنا -كالعادة- في قصة فرعون وموسى عبرة، عندما جمع فرعون السحرة ضد هارون وموسى.. ومع أن السحرة «أصحاب الكار والسر» تأكدوا بأنفسهم أنهما ليسا ساحرين، إلا أنهم فسروا الأمر بنظرية المؤامرة لإرضاء عقولهم مع عدم منطقية الأمر «قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى».

في العصر الحديث، كانت البداية منذ أكثر من مائة عام، عندما قام «برنسٌ» ما بإصدار «بروتوكولات حكماء صهيون»، وهي وثيقة وهمية مزورة تحكي عن خطط اليهود لغزو العالم بطريقة ممنهجة، وعلى الرغم من أنها مزورة إلا أن الملايين آمنوا بها عبر تلك السنوات. وفي حين أن كتاب البروتوكولات تلك كان الأعلى مبيعًا في القرن الماضي، فقد أصبح الأعلى مبيعًا في البلاد العربية ومصر في القرن الحالي، والأكثر تصديقًا أيضًا. وجه «البرنسة» للمؤلف والناشر أنهما يلعبان على وتر الطائفية «اليهود»، فأصبح الأمر مثل «برنس» التنمية البشرية الذي ألف كتاب يسمى «كيف تؤلف الكتاب الأكثر مبيعًا» فأصبح هذا الكتاب نفسه الأكثر مبيعًا لفترة طويلة من الزمن.

عُرف المصطلح والنظرية في مصر ووصلت لذروتها مع ثورة يناير، «الإنجلش لانجوش والأجانب وغيرهما» حتى وصلت إلى «أبلة فاهيتا». الأمر لا يتعدى كونه حرمان من «الأكشن والساسبنس». وللصدفة البحتة فإن مؤيدي الفريق «السيسي» هم أيضًا مؤيدو تلك النظرية مؤخرًا في أحداث «أبلة فاهيتا». ومن الطريف أن الإيمان والاعتقاد في نظرية المؤامرة ينم عن فقدان تام أو جزئي للثقة ناحية السلطة السياسية والدينية وأي سلطة رسمية.


0 comments:

Post a Comment